في عالم تتقاطع فيه السياسة بالاقتصاد، وتختلط المؤشرات بالشكوك، تقف أسعار النفط كراقصةٍ على حبلٍ مشدود، تتمايل مع كل خبرٍ جديد، وتتأثر بكل تحرك في الأسواق العالمية، وبينما تتشابك العقوبات مع الرسوم الجمركية، وتتنافر المؤشرات الأميركية، تظل أعين المستثمرين شاخصة نحو المستقبل القريب، حيث لا شيء ثابت سوى التقلّب.

تأرجحت الأسعار بين هبوط خفيف وتوقعات متفائلة

شهدت أسعار النفط العالمية تقلبات محدودة في تداولات يوم الجمعة، وسط تباين واضح في المؤشرات الاقتصادية الأمريكية، وزيادة الضغوط الجيوسياسية التي تلوح في الأفق، فقد تأرجحت الأسعار بين هبوط خفيف وتوقعات متفائلة، في ظل مناخ اقتصادي غير مستقر.

قلق إزاء مستقبل الإمدادات العالمية

فقد انخفض خام برنت بنسبة 0.3% ليصل إلى 69.28 دولارًا للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط هبوطًا مماثلاً ليستقر عند 67.34 دولارًا، وعلى مدار الأسبوع، فقد كلا الخامين ما يقرب من 2% من قيمتهما، في ظل حالة من القلق إزاء مستقبل الإمدادات العالمية.

وعلى الجانب الاقتصادي، أظهرت بيانات أميركية أن وتيرة بناء المنازل الخاصة تراجعت لأدنى مستوياتها خلال 11 شهرًا، نتيجة ارتفاع معدلات التمويل العقاري ومخاوف التضخم، ما تسبب في تراجع الطلب على الطاقة. 

في المقابل، أظهر مؤشر ثقة المستهلك الأميركي تحسنًا طفيفًا، مدفوعًا بتراجع التوقعات التضخمية، وهو ما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي للنظر في خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.

ويأتي هذا في ظل نية الإدارة الأميركية بقيادة ترامب فرض رسوم جمركية تتراوح بين 15% و20% على واردات من الاتحاد الأوروبي، حتى في حال التوصل إلى اتفاق. 

كما أشارت إلى احتمال اعتماد رسوم مضادة قد ترفع مجمل الرسوم إلى مستويات تتجاوز 25%، وهي معدلات لم تُسجل منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

نيه ترامب فرض رسوم جمركية تتراوح بين 15% و20% على واردات من الاتحاد الأوروبي

ويرى محللون أن هذه السياسات قد تُشعل التضخم في الأسواق الأميركية، ما سينعكس سلبًا على القوة الشرائية ويضعف وتيرة النمو الاقتصادي، وبالتالي يقلص الطلب على النفط عالميًا، وفي ظل هذا المشهد، يظل السوق النفطي محاصرًا بين توتر السياسات وتباين البيانات، ما يزيد من غموض الرؤية المستقبلية لأسعار الطاقة.