في خطوة جريئة لمواجهة التأثيرات السلبية للهواتف الذكية على الأطفال، أطلقت شركة التكنولوجيا الأمريكية Techless هاتفًا جديدًا في المملكة المتحدة يحمل اسم "Sage Mobile"، وهو جهاز مخصص للأطفال يخلو تمامًا من الإنترنت وتطبيقات التواصل الاجتماعي، في محاولة لتوفير وسيلة آمنة للتواصل دون تعريض الصغار لمخاطر العالم الرقمي.

ويُعد الهاتف نسخة معدّلة من آيفون 16، ويُقدَّم ضمن اشتراك شهري يبلغ 99 جنيهًا إسترلينيًا، بالتعاون مع شركتي أبل وفودافون. ويتمتع الجهاز بخصائص أمان مشددة، حيث يفتقر إلى متصفح إنترنت أو أي تطبيقات ترفيهية، ويقتصر متجره على مجموعة محدودة من التطبيقات الأساسية مثل الطقس، والمواصلات، والخدمات البنكية.

ويأتي هذا الطرح في ظل تصاعد القلق من الآثار النفسية والاجتماعية المرتبطة باستخدام الهواتف الذكية بين صغار السن، حيث تربط دراسات متعددة بين الإفراط في استخدام هذه الأجهزة وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات النوم بين الأطفال والمراهقين.

وأوضح كريس كاسبار، مؤسس شركة Techless، أن الفكرة وُلدت من تجربة شخصية، عندما تبنى طفلين في إطار الرعاية البديلة، وكان غير مسموح لهما باستخدام هواتف ذكية بسبب تجارب مؤذية سابقة. وقال: "كان من الظلم ألّا يكون هناك خيار آمن للتواصل دون تعريضهم لمخاطر الإنترنت".

ورغم أن الجهاز حظي بترحيب من قِبل أولياء الأمور الداعمين لمبدأ "الطفولة الآمنة رقمياً"، إلا أن بعض الأصوات أعربت عن قلقها بشأن تكلفة الجهاز المرتفعة، إذ تصل الاشتراكات الشهرية في بعض النسخ إلى 119 جنيهًا، ما يجعله بعيدًا عن متناول العديد من الأسر.

من جانبها، صرّحت دايزي غرينويل، المؤسسة المشاركة لحملة "الطفولة بدون هواتف ذكية"، بأن "الهواتف التقليدية مصمّمة لجذب الأطفال واستغلال بياناتهم، ونحن لا نعارض التكنولوجيا، بل نسعى لتوفير بيئة رقمية آمنة تناسب سنّهم".

لكن الرأي لم يكن موحدًا، حيث عبّرت البروفيسورة سونيا ليفينغستون من كلية لندن للاقتصاد عن تحفظها، مشيرة إلى أن "المنع الكامل قد يحرم الأطفال من فوائد تعليمية واجتماعية مهمة"، مؤكدة أن "الأهم هو تعليم الأطفال مهارات التوازن والوعي الرقمي".

ويأتي هذا الهاتف في توقيت يتزامن مع استعداد بريطانيا لتطبيق قانون جديد للأمان الإلكتروني، يلزم المنصات الرقمية باتخاذ إجراءات صارمة لحماية الأطفال من المحتوى الضار، بما في ذلك فرض قيود عمرية مشددة على المواقع الإباحية.