ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبه: هل يجوز لي أن أدخل على شبكات النت اللاسلكية الموجودة بجوار منزلي بدون إذن أصحابها؟

وأجاب على السائل الدكتور شوقي علام المفتي السابق عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: لا يجوز شرعًا الدخول على شبكات النت اللاسلكية المشفرة بدون إذن صاحبها؛ فإن صاحبها بقيامه بهذا التشفير لا يبيح لغيره الدخول عليها إلا بإذنه، ويُعدُّ الدخول عليها بغير إذنه تعدِّيًا على ماله، وهو محرمٌ شرعًا، أما الشبكات المفتوحة غير المشفرة فلا مانع شرعًا من الدخول عليها إذا كانت في أماكن عامة؛ لأنها معدة للاستخدام على هذا الوجه. أما إذا كانت خاصةً بصاحبها: فالأصل فيها منعُ استعمالها إلا بإذنٍ صريحٍ أو عرفي بإباحة الاستخدام.

ما هي الشبكات اللاسلكية؟

انتشرت الشبكات اللاسلكية بشكل واسع في عصرنا الحالي، حيث أصبحت وسيلة أساسية للاتصال بالإنترنت دون الحاجة إلى أسلاك. تعمل هذه التقنية على نقل البيانات لاسلكياً، مما يتيح للمستخدمين حرية الحركة أثناء الاتصال. تختلف أنواع هذه الشبكات حسب مدى تغطيتها وقدرتها على نقل البيانات، كما تختلف في طرق تأمينها وضبط الوصول إليها.

أصبحت الشبكات اللاسلكية ميزة أساسية في الأماكن العامة مثل المطارات والفنادق والمقاهي، حيث توفر خدمة الإنترنت للزوار. بعض هذه الشبكات تكون مفتوحة للجميع، بينما يتطلب البعض الآخر كلمة مرور للدخول. هذا الاختلاف في سياسة الوصول يطرح تساؤلات حول الجوانب الشرعية لاستخدام هذه الشبكات.

المنافع التقنية في الميزان الفقهي

من الناحية الفقهية، اختلف العلماء في تصنيف المنافع الرقمية مثل خدمة الإنترنت. يرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أن المنافع تعتبر أموالاً لها قيمة مالية، بينما يرى الحنفية أنها ليست أموالاً بذاتها ولكنها تكتسب قيمتها من خلال العقود والاتفاقات. هذا الخلاف الفقهي يؤثر على الحكم الشرعي لاستخدام الشبكات اللاسلكية.

في حال كانت الشبكة محمية بكلمة مرور، فإن الدخول عليها دون إذن يعتبر تعدياً على حقوق المالك. هذا التصرف يندرج تحت مفهوم أكل أموال الناس بالباطل الذي حرمه الشرع. أما الشبكات المفتوحة في الأماكن العامة، فلا حرج في استخدامها لأنها معدة لهذا الغرض. لكن عندما تكون الشبكة خاصة بفرد أو مؤسسة دون نية الإتاحة العامة، فإن استخدامها دون إذن يبقى محل نظر من الناحية الشرعية.

أهمية احترام حقوق الملكية

يشدد الفقهاء على أهمية احترام حقوق الملكية في العالم الرقمي كما في العالم المادي. فكما يحرم الشرع سرقة الأموال المادية، فإنه يحرم أيضاً الاستيلاء على الخدمات الرقمية دون وجه حق. هذا المبدأ يحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات، ويضمن عدالة التوزيع للموارد التقنية.

مع تزايد الاعتماد على التقنية في حياتنا اليومية، تبرز أهمية فهم الأحكام الشرعية المتعلقة بالاستخدام الرقمي. يجب على المستخدمين التحري عن حالة كل شبكة قبل الاتصال بها، والتأكد من أنها معدة للاستخدام العام أو الحصول على إذن المالك عند الحاجة. هذا الالتزام بالأخلاقيات الرقمية يحقق التوازن بين الاستفادة من التقنية وحفظ الحقوق.