في تصعيد جديد ينذر بتوترات أوسع في الساحة السورية، أدانت أطراف داخل إسرائيل وخارجها الضربات الجوية المكثفة التي شنتها تل أبيب على العاصمة السورية دمشق ومحيطها.

فبينما وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد الغارات بأنها "خطأ فادح"، خرج الرئيس السوري أحمد الشرع في خطاب ناري يتهم فيه إسرائيل بمحاولة جر البلاد إلى فوضى داخلية وتقويض وحدتها، خصوصاً في محافظة السويداء التي شهدت مؤخراً مواجهات دموية بين فصائل مسلحة.

لابيد ينتقد هجوم إسرائيل: "سلوك متهور"

في موقف نادر من داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، انتقد يائير لابيد، زعيم المعارضة، الغارات التي شنها الجيش الإسرائيلي على دمشق الأربعاء، واصفاً إياها بأنها سلوك متهور لا يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، بحسب تعبيره. 
ويأتي هذا التصريح في ظل تزايد الانتقادات داخل وخارج تل أبيب بشأن التدخلات العسكرية المتكررة في الشأن السوري، وسط تحذيرات من أن تؤدي هذه الضربات إلى تصعيد إقليمي لا تُحمد عقباه.

الشرع: إسرائيل تشعل الفتن وتستهدف وحدة سوريا

في أول تعليق رسمي له على تطورات السويداء والغارات الإسرائيلية، اتهم الرئيس السوري أحمد الشرع تل أبيب بـ"زرع الفتن" ومحاولة تقسيم السوريين عبر استهداف المنشآت المدنية وتحريض بعض الفئات ضد الدولة، مشيراً إلى أن تصرفات دولة الاحتلال تهدف إلى تعطيل جهود الدولة في استعادة الاستقرار وبناء المؤسسات.

وقال الشرع: الكيان الإسرائيلي لم يتوقف يوماً عن استهداف استقرار سوريا، واليوم يحاول مجدداً تحويل أرضنا إلى ساحة للفوضى والتجريب، مضيفاً أن سوريا ليست ساحة لأطماع الآخرين ولا مختبراً للمؤامرات الخارجية.

سوريا للجميع.. دعوة للوحدة ورفض للفتنة

الرئيس السوري وجّه رسائل خاصة لأبناء الطائفة الدرزية، مؤكداً أنهم "جزء أصيل من النسيج السوري"، ومشدداً على أن الدولة ترفض أي محاولة لتقسيمهم أو زجهم في صراعات خارجية. 
وأضاف أن الحكومة تدخلت بكامل مؤسساتها من أجل وقف القتال الداخلي في السويداء، ولكن بعض المجموعات الخارجة عن القانون رفضت الحوار وواصلت تأجيج الأوضاع، على حد قوله.

إحباط مخطط التفجير الشامل

بحسب الشرع، فإن الجهود السورية نجحت في طرد الفصائل المسلحة واحتواء الأزمة، رغم محاولات إسرائيلية متكررة لتقويض الأمن، مشيراً إلى أن الغارات الأخيرة استهدفت منشآت مدنية وحكومية، ما كاد يؤدي إلى انفجار الوضع بشكل واسع. وأضاف أن وساطات عربية وأميركية وتركية ساهمت في احتواء التصعيد وتفادي "مصير مجهول للمنطقة".

خلفية المواجهات في السويداء

كانت محافظة السويداء قد شهدت، يوم الأحد الماضي، اشتباكات عنيفة بين مسلحين من الطائفة الدرزية وآخرين من البدو، أسفرت عن سقوط عدد من القتلى. 
ودفعت خطورة الموقف القوات الحكومية للتدخل يوم الاثنين، وسط اتهامات لإسرائيل بالتدخل بحجة "حماية الدروز". 
وتزامنت الغارات الإسرائيلية مع إعلان السلطات السورية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الفصائل الدرزية في المحافظة.

تصعيد محفوف بالمخاطر تعكس التطورات الأخيرة في سوريا تصاعداً خطيراً في التعقيد الإقليمي، وسط اشتباكات داخلية، وضغوط خارجية، وتدخلات إسرائيلية باتت علنية.

وبينما تحذر المعارضة في إسرائيل من التهور، وتتوعد دمشق بالتصدي للمخططات الخارجية، تبقى المنطقة على صفيح ساخن بانتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة.