يُعدّ تحسين كفاءة الطاقة في المكيفات من أبرز القضايا التي تشغل الباحثين في هذا القطاع، بوصفها من أكثر الأجهزة استهلاكًا للكهرباء، ولا سيما خلال فصل الصيف.
وتعاني معظم الدول العربية -خاصة مصر- من أزمة تخفيف الأحمال خلال فصل الصيف، نتيجة لزيادة الطلب على الكهرباء في ظل الاستعمال الواسع للمكيفات الكهربائية.
وفي هذا الإطار، أجرت المُدرّسة بقسم هندسة القوى الميكانيكية في كلية الهندسة بجامعة عين شمس، الدكتورة أسماء رمضان السيد، عدّة أبحاث حول تحسين كفاءة الطاقة في المكيفات، بدءًا من مشروع التخرج في مرحلة البكالوريوس ثم رسالة الماجستير والدكتوراه، كما تتولى الإشراف على الأبحاث المتعلقة بهذا المجال حاليًا.
وأوضحت الباحثة المصرية -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن التغيرات المناخية تُعد أحدى أهم المشكلات التي يواجهها كوكب الأرض في الوقت الحالي، لما لها من أثر في ارتفاع درجة الحرارة.
ويوضّح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تأثير مكيفات الهواء في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة:
زيادة الأحمال الكهربائية
قالت الدكتورة أسماء رمضان، إن الأحمال الكهربية لأجهزة تكييف الهواء تسهم في ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة، نتيجة زيادة التحميل على شبكات الكهرباء المحلية.
وأضافت أن زيادة الطلب تستدعي حرق مزيد من الوقود في محطات توليد الكهرباء، ومن ثم خروج كميات متزايدة من الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة؛ ما يسهم في رفع درجة حرارة كوكب الأرض، وزيادة شدة الموجات الحارة.
وتابعت أن الأحمال الكهربية لأجهزة التكييف المنزلي في مصر تمثّل عبئًا كبيرًا على شبكة الكهرباء خلال أشهر الصيف قد يصل إلى 25% من أحمال الكهرباء الكلّية؛ ما يؤكّد ضرورة العمل على تحسين كفاءة الطاقة في المكيفات.
واستطردت قائلة، إن شركات الكهرباء تحاول التغلّب على هذا العبء الإضافي بتخفيف الأحمال عن طريق قطع التيار الكهربائي، مشيرة إلى أن هذا لا يُعدّ الحل الأمثل؛ نظرًا لما يسبّبه من عدم الإحساس بالراحة الحرارية، ومن ثم يقلّ إنتاج الشخص وتركيزه، وقد يعرّضه ذلك لبعض المشكلات الصحية، خاصة إذا كان يعاني من الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
تحسين كفاءة الطاقة في المكيفات بأجهزة تحكم ذكية
اعتمدت الباحثة المصرية في أبحاثها على اتجاهين: تحسين كفاءة الطاقة في المكيفات، وتقليل الحمل الحراري داخل المبنى.
ونجحت في تقليل استهلاك الطاقة من أجهزة التكييف المنزلي عن طريق تزويدها بأنظمة تحكم ذكية باستعمال الذكاء الاصطناعي، وتقنيات تعليم الآلة والتبريد السلبي عن طريق استعمال مواد بناء مُطورة.
واعتمدت الأبحاث في الاتجاه الأول على توفير نظام تحكم جديد يجعل أجهزة التكييف المنزلية تعمل عند النقطة ذات الاستهلاك الأقل للطاقة في ظروف التشغيل المختلفة، منها درجة حرارة الغرفة ودرجة حرارة الجو الخارجي وتغيير سرعة الكباس الموجود بالوحدة الخارجية للمكيف.
وبذلك تكون الباحثة قد تمكنت من تقليل العبء على شبكة الكهرباء، كما ينعكس هذا الاتجاه إيجابيًا على ميزانية الفرد، وتقليل قيمة فاتورة الكهرباء.
تقليل الحمل الحراري للمباني
تمحور الاتجاه الثاني في دراسة تحسين كفاءة الطاقة في المكيفات حول المباني، وقالت الدكتورة أسماء رمضان -خلال تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إنها اعتمدت في هذا الاتجاه على تقليل الحمل الحراري الداخلي للمبنى.
وأشارت إلى أن ذلك يمكن أن يتضح بالاختلاف الكبير في حرارة الجو التي يشعر بها الفرد عند الدخول إلى مبنى قديم أو أثري مبنيّ من الحجارة ذات السُّمك الكبير.
وأضافت أن طرق البناء القديمة كانت قائمة على نظام الحوائط الكثيفة التي يصل سُمكها إلى حدود المتر؛ ما جعلها تعزل الهواء داخل المبنى عن الجو الخارجي مع امتصاص الحرارة وتخزينها ومنع مرورها إلى الخارج.
وتابعت أنه من غير المعقول في العصر الحديث العودة إلى هذه التقنيات من البناء؛ نظرًا لارتفاع سعر الأراضي وزيادة تكلفة التشييد بهذه الطريقة.
واستطردت قائلة، إنه مع تطوير التقنيات الحديثة للبناء يمكن الحصول على الأداء الحراري نفسه للمباني القديمة، مع إضافة مواد عازلة صديقة للبيئة وقابلة للتحلل تسمى بالمواد متحولة الطور؛ ما يسهم بتحسين كفاءة الطاقة في المكيفات.
وأوضحت أن هذه المواد تتطلّب إجراء حسابات دقيقة لتحديد سُمكها وطريقة دمجها داخل الحوائط والأسقف والتقنيات المستعملة لإنتاجها في صورة كبسولات بأحجام وأشكال مختلفة.
ولفتت الباحثة إلى أن هذه التقنيات يمكن أن تُوازِن بين تحقيق الراحة الحرارية للفرد وتوفير استهلاكه للطاقة؛ ما ينعكس على قيمة فاتورة الكهرباء، وتقليل العبء المادي عليه، بجانب الحفاظ على البيئة، مع تحسين كفاءة الطاقة في المكيفات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..