«عزلة» جوكر ومهرج وساحر في «مسرح الشباب» - بلس 48

الإمارات اليوم 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«عزلة» جوكر ومهرج وساحر في «مسرح الشباب» - بلس 48, اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024 12:21 صباحاً

ثقيلة هي العزلة، بكل ما تحمله من تخبطات، تجعل النفس تعيش حالة من القوقعة، والصراع الذاتي، وهي في حالة هرب من ضجيج العالم الخارجي، أو حتى من ضجيج الذات. هذا التشريح النفسي لمفهوم الانعزال، قدمه عرض «عزلة» لجمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، الذي عرض، أول من أمس، على خشبة ندوة الثقافة والعلوم، في ثالث أيام مهرجان دبي لمسرح الشباب.

تفتح الستارة على مكان غير محدد الهوية، فتظن أنك أمام دار كبيرة أو مسرح مخصص للعروض أو غير ذلك، وفي هذا الفضاء الذي تحتله طاولات خشبية مرتفعة، تقطن ثلاث شخصيات، هي الجوكر، والساحر، والمهرج، الذين هجروا العالم وقرروا الانعزال في هذا المكان. تبدأ الشخصيات بتبادل أطراف الحديث لتتعرف إلى بعضها بعضاً، فيدخل العامل إلى هذا المكان، وغالباً ما كان يأخذ حديثه منحى حديث النفس، ونستكشف معه الشخصيات بشكل تصاعدي.

إيقاع تصاعدي

عمل الكاتب حمد الظنحاني على النص بإيجاد إيقاع تصاعدي للشخصيات، إذ نجده يدخلنا إلى عوالمها ومشاعرها الراهنة، وهي في حالة الانعزال، ويساعده على تقديم هذه المشاعر، وتوصيف الحالات، وابتكاره الملابس التي ترتديها الشخصيات للهرب من واقعها. يستند النص إلى الحوارات المباشرة بين الشخصيات، بدءاً من حوار الجوكر والساحر، ومن ثم المهرج والعامل، ليدخلنا الظنحاني في حالات التيه التي يعيشها كل منهم. ثم تأخذ الشخصيات بالتعري شيئاً فشيئاً، فيعود بنا الزمان إلى الوراء، لنكتشف الظروف التي دفعت كلاً منهم إلى هذه العزلة لتجاوز الآلام التي مرّ بها، وكيف استسلم لأوجاع الحياة.

مسرح داخل المسرح

أوجد المخرج إبراهيم القحومي حلولاً إخراجية قد تبدو للوهلة الأولى سريعة، لكنها أتت متناسبة مع الحالة التي يبحث بها النص، فقد وضع خشبة مسرح داخل المسرح، ووضع الممثلين على ارتفاعات عالية، كما اعتمد على الإضاءة التي تستخدم كبقع على الأفراد. أما بعثرة الأغراض التي تملأ المسرح، ومنها ملابس وقطع بلاستيكية، فكانت كفيلة بتجسيد الفوضى الداخلية.

أما الترابط بين الشخصيات وقوة التمثيل، فكان عامل القوة الذي جعل هذا العرض يستحق أن يكون العرض الافتتاحي للمهرجان، إذ نجح كل من أيمن الخديم وعادل سبيت وذياب ناصر وأحمد بوصيم في تجسيد قوة النص من خلال أجسادهم، وتقديم عمق مفهوم العزلة.

ينتهي العرض بمحاولة الشخصيات الخروج من العزلة، إذ نرى أن الهدوء الموهوم في العزلة والناجم عن زحام داخلي كفيل بأن يقضي على المرء. تتلاشى العزلة على الخشبة لتبدو كأنها خدعة يسكن المرء بها ويراوغ الحقيقة والذات والواقع.

مواجهة الحقيقة

وحول تبلور النص، قال حمد الظنحاني لـ«الإمارات اليوم»: «دمجتُ الشخصيات بصورة تراجيدية، لأنني أردت إبراز الصورة التي يخفي فيها المرء أوجاعه وآلامه، فأنا أميل إلى مواجهة الحقيقة في الحياة، لأنني أفضل دائماً مواجهة الحياة بحلوها ومرّها، لذا كانت مغامرة أن قدمت هذه الشخصيات، ولكن فريق العمل ساندني». وأضاف: «المسرح السيريالي صعب، وبعضهم يراه انتهى، كما أن بعضهم يراه مملاً، وحاولت بشتى العناصر أن أتحدث عن العرض، كي يسمع الجمهور ما أقوله، ويدخل المرء في نوع من محاسبة الذات». وأشار إلى أن مسرح الشباب يقدم دفعاً معنوياً للعمل، موضحاً أنه ينافس الشباب من جيله، الذين يحملون التوجهات والأفكار نفسها، وهذا يمنح الكاتب الشجاعة للكتابة، بينما مع الكبار قد يشعر الكاتب برهبة وخوف. واعتبر أن ثنائية العمل مع إبراهيم القحومي قديمة، فهما صديقان منذ زمن طويل، وهذا الانسجام يتجلى في العمل.

بينما اختار إبراهيم القحومي الخشبة المرتفعة للعمل، ولفت إلى أنه عمل على مسرح داخل مسرح، ومكان محصور، وهذه الرؤية كانت قديمة في باله ويبحث عن نص لتجسيدها، وحين أتى هذا النص أسقط الرؤية عليه، لأنه لا يمكن للمنعزلين الوجود في الأماكن الواسعة. وأعتبر أن هذه الرؤية حملت مخاطرة، لأنها مبتعدة عن المألوف والمتوقع، وقد شعر الممثلون بالراحة بعد التمرينات المتكررة، مشدداً على أن كل ما يراوده من أفكار سيقدمه على الخشبة، لأن المسرح وجد للتجربة، حتى إن فشلت التجربة، فلابد من اختبارها. وأكد القحومي، بأن المسرح يتطلب الصبر في العمل، وقد بدأ بالإخراج بعد معاصرة كثير من المخرجين لأجيال عدة، ولكنه المكان الذي يتيح له تقديم الرسائل، ولهذا غالباً ما يبحث عن القضايا التي تمسه وتمس المجتمع. وأشار إلى أنه عمل على السينوغرافيا بنفسه، إذ بدأ يميل إلى التفكير بالإخراج والصورة، وينفذ العمل كاملاً، لأنه لا يحب الصورة الثابتة، بل هو دائم البحث عن التغيير.


لوحات راقصة

عمل المخرج إبراهيم القحومي على وضع العديد من اللوحات الراقصة في العرض، والتي جسدت المشاعر بقوة، فبدلاً من التعبير عن محاربة مشاعر الألم بالصراخ أو الحديث، استعان المخرج بالموسيقى والرقص. حاربت الأجساد مفهوم الانكماش على الذات، عبر الإيماءات، فأخذ الاستعراض شكل محاربة القضايا الإنسانية، ومنها الألم والضغط النفسي. وشارك في اللوحات التي عرضت، محمد أيت حمو وخالد محمد وحمزة الشالح وماريو عماد وياسين دربالي وكرم أبوقاسم.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق