الاحتباس الحراري يهدد أوروبا بشتاء قارس.. أمطار وفيضانات كارثية - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تدفع أوروبا فاتورة باهظة جراء زيادة مستويات التلوث البيئي والاحتباس الحراري الناجمة عن زيادة استعمال مصادر الوقود الأحفوري، ما يؤدي إلى تساقط أمطار غير مسبوقة.

وتضاعفت احتمالات سقوط الأمطار بمستويات بالغة في منطقة أوروبا الوسطى خلال شهر سبتمبر/أيلول الجاري، بسبب تأثير التغيرات المناخية، وفق تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ومن المتوقع أن يواجه قطاع الطاقة في القارة العجوز أزمات عدّة، خاصة وسط توقعات بزيادة الطلب خلال فصل الشتاء، وفي ظل نقص إمدادات الغاز الروسي عقب الحرب التي شنّتها موسكو على أوكرانيا عام 2022.

وشهدت أجزاء كبيرة من أوروبا الوسطى والشرقية أمطارًا وفيضانات، أدت إلى اضطراب الأحمال وتضرُّر البنية التحتية.

زيادة الأمطار

أظهرت دراسة حديثة صادرة عن منظمة وورلد ويزر أتريبيوشن (WWA) أن معدلات الاحتباس الحراري فاقمت مستويات سقوط الأمطار خلال 4 أيام في الشهر الجاري؛ ما أدى إلى فيضانات في بلدان أوروبية مختلفة، مثل النمسا ورومانيا، وفق التفاصيل التي أوردتها صحفية الغارديان البريطانية.

وارتفعت احتمالات تساقط الأمطار بنسبة 7% على الأقل، بسبب تأثير التغيرات المناخية، وهطول كميات غزيرة كان يمكن أن تكون أقل بما يقارب 50% في حال عدم ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى المستويات الحالية.

رجلات يحملان كلبًا لإنقاذه من التداعيات الكبيرة التي خلفها فيضان بوريس على البلدان الواقعة في وسط أوروبا
رجلان يحملان كلبًا لإنقاذه من التداعيات الكبيرة التي خلّفها فيضان بوريس على البلدان الواقعة في وسط أوروبا- الصورة من manilatimes

ودفعت الكارثة البيئية الناجمة عن الاحتباس الحراري عالم المناخ في جامعة بوزنان البولندية، المؤلف المشارك في الدراسة "وغدان شوغنيكي" للقول، إن الوضع العالمي سيكون أكثر خطورة حال الاستمرار في استعمال مصادر الوقود الأحفوري الملوثة للبيئة.

وضربت عاصفة بوريس منطقة وسط أوروبا في منتصف شهر سبتمبر/أيلول الجاري، وتساقطت كميات قياسية من الأمطار على دول: النمسا والتشيك والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا.

وتسببت تداعيات الاحتباس الحراري والأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات، راح ضحيتها العشرات، كما دمرت منازل عدّة في هذه البلدان.

خطط مواجهة الكوارث

يرى الباحثون المشاركون في إعداد الدراسة أن التدابير التي اتخذتها بلدان وسط أوروبا في الآونة الأخيرة للتكيف مع التغيرات المناخية قللت عدد القتلى مقارنة بالفيضانات المماثلة التي حدثت في عامي 1997 و2002.

ودعا الباحثون لتطبيق أنظمة إنذار للفيضانات، بجانب وضع خطط لمواجهة الكوارث البيئية المحتملة، محذّرين من استمرار وتيرة البناء بالأماكن المعرّضة لحدوث الفيضانات.

واتصالًا بذلك، لا تعالج التدابير الاحترازية للتعامل مع الفيضانات جذور المشكلة المتمثلة في تفاقم ظاهرتَي الاحتباس الحراري والتغير المناخي، جراء الأنشطة البشرية المضرة بالبيئة.

من هذا المنطلق، تقول المستشارة الفنية في مركز المناخ التابع لمنظمتَي الصليب الأحمر والهلال الأحمر، إحدى مؤلفي الدراسة، ماغا فالبيرغ، إن حدوث الفيضانات يشير إلى التكلفة الباهظة الناجمة عن ظاهرة تغير المناخ.

وبالتزامن مع التداعيات الخطيرة التي خلّفتها الفيضانات على تدمير آلاف المنازل، تعهَّد الاتحاد الأوروبي بتقديم 10 مليارات يورو (11.2 مليار دولار) مساعدات لبلدان وسط القارة لمواجهة تداعيات الكارثة، بحسب فالبيرغ.

*اليورو = 1.12 دولارًا أميركيًا.

مستويات الرطوبة

توصلت الدراسة إلى أن معدلات الأمطار التي سقطت على بلدان وسط أوروبا على مدار 4 أيام متواصلة في شهر سبتمبر/أيلول الجاري تُحاكي واقعًا أكثر برودة، بمقدار 1.3 درجة مئوية.

وأكد مؤلفو الدراسة أن الأنشطة البشرية والصناعية المختلفة هي العامل الرئيس وراء زيادة معدلات هطول الأمطار، لأنها أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة.

إزاء ذلك، يرى العلماء أن أيّ زيادة في درجات الحرارة ومعدلات الاحتباس الحراري ترفع مستويات امتصاص الرطوبة في الغلاف الجوي بنسبة 7%.

وتساقطت الأمطار على بلدان وسط أوروبا عندما التقى الهواء البارد القادم من منطقة القطب الشمالي مع نظيره الدافئ من البحرين الأسود والمتوسط.

وتتزايد مخاطر الاحتباس الحراري مع زيادة الأنشطة البشرية الصناعية، حسبما قال عالم المناخ بمعهد بحوث التغيرات المناخية ميروسلاف ترنكا.

جانب من الآثار السلبية التي خلفها فيضان بوريس على البلدان الواقعة في وسط أوروبا
جانب من الآثار السلبية التي خلّفها فيضان بوريس على البلدان الواقعة في وسط أوروبا - الصورة من موقع evrimagaci

زيادات متوقعة

ترجّح الدراسة زيادة معدلات سقوط الأمطار بنسبة 5% خلال المدة المقبلة، مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين أعلى من مستويات ما قبل الصناعة.

وترجع تلك التوقعات إلى التموجات في التيار النفاث الذي يُقيّد الأنظمة المختلفة للطقس والمناخ، ويجعلها تحدث في مكان واحد، نتيجة ارتفاع درجات حرارة الأرض.

وتعدّ التيارات النفاثة نطاقات ضيقة من الرياح القوية التي تهب في المستويات العليا من الغلاف الجوي لكوكب الأرض.

وتوقعت دراسة منشورة في مجلة "نيتشر ساينتيفك ريبورتس" -منذ أيام- زيادة معدلات حدوث تلك الظاهرة البيئية مع تصاعد مستويات الانبعاثات الكربونية.

وقالت عالمة المناخ في جامعة نيوكاسل، هايلي فاولر، إن العواصف الناجمة عمّا يسمّى بـ(التيار النفاث) يمكن أن تتجمع بمكان واحد، وتؤدي لتساقط كميات كبيرة من الأمطار في المكان نفسه، بسبب عوامل الرطوبة المتزايدة والاحتباس الحراري.

وأضافت أن حدوث العواصف بات أمرًا متكررًا، متوقعة زيادة معدلاتها مستقبلًا مع الارتفاع الكبير في درجات حرارة الأرض.

وتزامنت أمطار وفيضانات أوروبا مع نشوب 12 كارثة بيئية في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن تؤدي أيّ زيادة محتملة في معدلات سقوط الأمطار إلى كوارث طبيعية.

وقالت عالمة المناخ المؤلفة المشاركة في وضع الدراسة، فريدريك أوتو، إن أيّ زيادة في معدلات تساقط الأمطار تؤدي إلى زيادة مماثلة في احتمالات حدوث فيضانات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق