عشر سنوات مرت سريعاً منذ صدور العدد الأول من الإصدار اليومى لجريدة «البوابة» التى وُلِدَت عملاقة، رغم كل ما واجهها من صعوبات فى إطار المنافسة المهنية.. ومن خلال محتوى يشرف كل صاحب فكر وكل حريصٍ على هذا الوطن، مثلت الصحيفة منذ العدد الأول، بقياداتها وبشبابها، وجهاً مشرقاً، وأثبتت وجودها، وأصبحت علامة بارزة فى تاريخ وحاضر الصحافة المصرية.
نقاط كثيرة لها دلالتها، ولكن الأساس هو أن هذه الجريدة التى ولدت عملاقة، جاءت تتويجًا لحلم كبير، ظل يحلم به الصديق عبدالرحيم على منذ مرحلة الشباب، وهو يرى حوله إرهابًا لا دين له يمزق وحدة الأمة وينشر الرعب والعنف والدمار.. وظل الحلم يراوده حتى أنشأ المركز العربى للبحوث والدراسات، فكان صوتًا لا يخاف أحدًا ينطلق منه ليحذر وينبه من خطورة قوى الإرهاب المتستر بعباءة الدين وفى القلب منه جماعة الإخوان الإرهابية.
وكان لا بد من صوت يتواصل مع بسطاء هذا الوطن الذين اكتووا بنار الإرهاب وتصدوا له بكل شجاعة ويحلمون بغدٍ أفضل تحت الشمس.. ومن هنا، كانت «البوابة» صوتًا للمواطن العادى البسيط، وضميرًا يضىء وجه الأمة، وطاقة نور ترفع من شأن العقل كأساسٍ متين وضرورى للتعامل مع كل ما حولنا من ظواهر وأحداث.
القيمة الأساسية التى قد لا يدركها كثيرون، هى أن هذه «البوابة» قامت على أكتاف شباب «زى الورد» يملكون حماسًا لا نظير له، وثقة لا مثيل لها، وقدرة على الخلق والإبداع والصمود أمام التحديات وتذليل كل العقبات. فمنذ البداية، أدرك عبدالرحيم على قيمة الشباب وأطلق العنان لنفسه لتصبح «البوابة» أول جريدة فى مصر، بلا مبالغة، يديرها الشباب كرؤساء للأقسام الرئيسية وكمديرى تحرير أيضًا.
راهن عبدالرحيم على، على الشباب وكسب الرهان بالفعل وكان على حق حين آمن بالشباب ووثق فى قدرتهم على صنع المستحيل.. راجعوا ما صدر من أعداد وملفات على مدى عشر سنوات لتتأكدوا كم كان أولادنا على قدر المسئولية، فقد استطاع هؤلاء الشباب أن يحافظوا على طعم «البوابة» ونكهتها الخاصة ومنهجها فى تناول القضايا، فاستمرت وما زالت تقدم صحافة «شكل تانى» وتنسج من خيوطٍ متعددة ثوبًا جميلًا زاهيًا، وحائط صد يدافع عن ثوابت الأمة، وصوتًا يدق الأجراس وينبه لأى خلل حفاظًا على الدولة المصرية، ودليلًا يشير إلى مواطن القوة الناعمة وأهميتها فى البلاد، ونورًا يستعرض قضايا الناس بالمحافظات، وشموعًا تحتفى بشهداء الوطن، ومنبرًا يُعلى من قيمة المرأة ودورها الفعال فى تقدم الأمم.. ولم يكن من قبيل الصدفة أبدًا أن عددًا من الشباب الذى بدأ فى «البوابة»، شارك بعد ذلك فى تأسيس مؤسسة صحفية أخرى.. فهذه المسألة فخرٌ لنا جميعًا إذا نظرنا لنصف الكوب الممتلئ.
ومن المهم أن نسجل هنا فكرة الأعداد الخاصة التى انفردت بها «البوابة» وكان لها صدى تجاوز حدود البلاد ومثلت بصمة لا يمكن محوها من سجلات الصحافة المصرية، ولعله من حسن الطالع أن يتواكب مع الاحتفال بالعيد العاشر للجريدة عودة إصدار هذه الأعداد الخاصة وفق قرار رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبدالرحيم على.
ومثلما كانت «البوابة» سباقة فى أمور كثيرة، فليس عصيًا عليها إطلاقًا أن تستشرف، مع العام الجديد، المستقبل وتقدم ما يتماشى مع ثورة العلم والتكنولوجيا وكل ما تنتجه الميديا من ابتكارات تخدم البشرية وتسهم فى تقدم العالم، خاصةً ونحن نتابع مدى حرص معظم شباب «البوابة» على توسيع مداركهم واهتمامهم بمتابعة كل تطور جديد فى مهنة البحث عن المتاعب وتسليح أنفسهم بالعلم عبر كم كبير من الحاصلين على درجات الماجستير، وهو ما يبعث على الثقة فى شبابنا وقدرتهم على صنع المعجزات.
عشر سنوات مرت كلمح البصر، حفلت بالعديد من الحملات الصحفية التى لا يمكن أن تغيب عن الذاكرة، عبر مسيرة ذاخرة ومثار فخر كبير، وكم كنت أتمنى أن أكتب أسماء كل الشباب الذين زاملتهم فى الموقع وفى الجريدة، سواء الذين كانوا معنا قبل صدور العدد الأول أو الذين انضموا لكتيبة «البوابة» طوال هذه السنوات.. إنهم جميعًا فخر لنا وصورة مشرفة للمهنة العزيزة إلى قلوبنا، ويستحق كلٌ منهم قبلة على جبينه.
لقد ترسخت جذور المؤسسة فى داخل البلاد، ولكن كان لها أيضاً امتدادها فى الغرب الأوروبى، وجاءت الانطلاقة الكبرى خارج الحدود عندما أسس عبدالرحيم على مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس «CEMO» وكان له دوره الرائد فى توضيح الحقائق حول المواقف المصرية أمام المجتمع الغربى، وتفرع منه موقع Le Dialogue للحوار بين الشرق والغرب، كما أنشأ موقع «مصريات» باللغتين الفرنسية والإنجليزية كسفير فوق العادة يعرف الرأى العام الغربى بعظمة الحضارة المصرية.
المسيرة ذاخرة بالفعل، وليأذن لى رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبدالرحيم على، أن أستعير من مقال له، هذه الفقرة: «البوابة» الحلم في طريقها الصحيح، ذلك هو اعتقادى. لقد بِتنا نعرف طريقنا جيدًا ولا نخشى فى حب بلادنا سوى الله، نعمل لصالح وطننا، وشعبنا، وأهالينا من البسطاء، لا نريد جزاءً من أحد ولا شكورًا، اللهم سوى حب الناس الذى هو تاج على رءوسنا، منه نستمد القدرة على العطاء والاستمرار.
بهذه الفقرة، وأنا أقترب من العام السابع والسبعين من عمرى، أنظر حولى مطمئنًا يملؤنى تفاؤل كبير بكل شبابنا، تتقدمهم ابنتنا الرائعة داليا عبدالرحيم التى تقود دفة العمل بهمة واقتدار.
مع الخطوات الأولى ونحن نستقبل العام الحادى عشر لـ«البوابة»، أرى الدنيا حولى من خلال نافذة بيضاء تشع أملاً وتفاؤلاً بفضل هؤلاء الشباب وبفضل قيادة المؤسسة الحريصة على استمرار الشعلة متقدة على مر الزمان.
.. ومعاً، تعالوا نحكى قصة عزيمة وإصرار، حققها عبد الرحيم على بروح لا تعرف اليأس وبتحدٍ لا حدود له فى وجه كل المعوقات.
0 تعليق