الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكر في حوار إنساني مع «الحرية»: العالم يحضر للأعياد ونحن نحضر الأكفان

فقدت أكثر من 50 شخصًا من عائلتي وأصدقائي.. وهذا هو العيد الرابع على التوالي دون فرح

غزة تحترق وأمه محمد صامته.. وأحاول توثيق معاناة الناس لكننا نشعر أن أحدًا لا يسمعنا


70% من سكان غزة نازحون من بيوتهم.. وننتقل بين خيمة وأخرى هاربين بارواحنا

إذا لم نمُت من القصف سنموت من الجوع.. ولن ننهار رغم كل شيء

نعيش منذ أكثر من 600 يوم تحت القهر والإبادة والنزوح والتجويع والظلم في غزة

معظم المستشفيات في الشمال قُصفت أو حوصرت.. والباقي خرج عن الخدمة


نعيش حياة من الخوف والفقد.. والوضع الصحي كارثي بكل معنى الكلمة

أكثر من 60 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد ونقص في الفيتامينات والدم والكالسيوم

أجرت الحوار- إيمان صبري  

في قطاع محاصر تغيب فيه الكهرباء والماء والغذاء والعلاج، وتعلو فيه أصوات القصف فوق أنين الحياة، لا يزال هناك من يحمل الكاميرا ليس بحثًا عن سبق صحفي، بل لحفظ ذاكرة شعب يُمحى على مرأى من العالم.


وفي حوار إنساني من الطراز الأول، تنقل الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكر لـ«الحرية» تفاصيل الحرب والوجع عن قرب، لا فقط كناقلة للخبر، بل كأحد أمهات، وأخوات، وبنات المدينة الجريحة.

حاولنا أن نفهم الاوضاع هناك وكيف يبدو العيد تحت الحصار، وكيف يُصنع الأمل من رماد الأيام، وكيف يعيشون وسط محاولات الإبادة التي تتم بكل الأشكال الممكنة أمام صمت الجميع.

وإلى نص الحوار:

كيف تصفين الأوضاع في غزة بعد أكثر من 600 يوم من الحرب؟

الأوضاع في غاية الصعوبة، نحن نعيش منذ أكثر من 600 يوم تحت القهر، الإبادة، النزوح، التجويع، والظلم، وكل يوم نواجه أزمات متتالية وأبرزها نقص في الطعام، شح المياه، أزمة نزوح، قصف مستمر، وتهجير قسري، فما نعيشه يفوق الوصف، إنها حياة يومية من الخوف والفقد.


الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكر

ما هو واقع النظام الصحي، وهل هناك مستشفيات ما تزال تعمل؟

الوضع الصحي كارثي بكل معنى الكلمة، معظم المستشفيات في الشمال قُصفت أو حوصرت، مثل مستشفى الإندونيسي وكمال عدوان والعودة والمعمداني، وكثير من الكوادر الطبية أُعدمت أو استشهدت أثناء عملها، وباقي المستشفيات خرجت عن الخدمة، لا وقود، لا معدات، لا أدوية، وبعضها لا يصلح حتى كمأوى.

كيف يعيش الأطفال في ظل انعدام الغذاء والماء؟

الأطفال يعيشون أسوأ مراحل حياتهم، لا يوجد حليب للأطفال، فلا يوجد خضراوات ولا فاكهة ولا لحوم، ولا يوجد أي طعام يحتوي على أي عناصر غذائية حقيقية، نُطعمهم ماءً ممزوجًا بالبهارات والصلصة فقط، كيلو المكرونة وصل إلى 50 شيكل، الأرز 60 شيكل، والطحين 120 شيكل أي ما يعادل نحو 1000 جنيه مصري، من يستطيع تأمين هذا؟

الناس فعليًا تموت من الجوع، أكثر من 60 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، ونقص في الفيتامينات، والدم، والكالسيوم.

هل تصل المساعدات الإنسانية إلى القطاع؟

ما يدخل من مساعدات لا يكفي شارعًا واحدًا، الإعلام العبري يروّج لدخول المساعدات، لكن الواقع مختلف من أصل 600 شاحنة يومية نحتاجها، لا يدخل سوى 100 إلى 200 شاحنة، نُحاصر ونُقتل جوعًا، ولا أحد يتحرك.

كيف تصفين أماكن النزوح الآن في غزة؟

أماكن النزوح مأساوية، أكثر من 70% من سكان غزة نازحون من بيوتهم، ننتقل من خيمة إلى أخرى دون متعلقات شخصية، نهرب بأرواحنا فقط، الخوف هو ما يقودنا، لا أحد يُفكر في حِمل شيء، فقط نحاول إنقاذ الأطفال من الموت.

الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكر

هل هناك أي استعدادات لعيد الأضحى داخل قطاع غزة؟

أي عيد؟ نحن نُحضّر الأكفان بدلًا من الملابس الجديدة، لا طعام، لا ماء، لا حتى أكفان كافية، نُضطر لتكفين الشهداء بأكياس بلاستيكية.

هذا هو العيد الرابع على التوالي دون فرح، أنا شخصيًا فقدت أكثر من 50 شخصًا من عائلتي وأصدقائي، لا أحد هنا يحتفل الناس تبحث عن لقمة خبز، لا عن عيد.

ما هو أكثر شيء تتمنين حدوثه الآن؟

أتمنى أن أستيقظ ذات يوم وأجد أن الحرب قد انتهت، وأن فلسطين عادت مستقرة مثل باقي الدول، أريد أن أرى عائلتي وأصدقائي الذين فقدتهم، أنا كصحفية أحاول توثيق معاناة الناس، لكننا نشعر أن أحدًا لا يسمعنا، «غزة تحترق وأمه محمد صامته تشاهد ما يحدث لنا في صمت لا تتحرك».

ما هي رسالتك للعالم؟

نحن لا نطلب الكثير، فقط وقف شلال الدم، ودخول الطعام والمساعدات، فنحن إذا لم نمُت من القصف سنموت من الجوع.

ونحن لا ننهار رغم كل شيء، لأننا بكل بساطة لا نملك رفاهية الانهيار، نحن بشر، وأمهات، وأبناء، ولسنا أرقامًا، 55 ألف شهيد وأكثر منهم أمهات وأباء، 55 ألف وجع داخل القلب، كان لكل منهم حلم وحياه يريدون العيش ليحققوها، هم ليسو مجرد أرقام.

الوجع صعب لا يستطيع أحد وصفه ولا أحد يتحمله مهما أوصف المعناه التي نعيشها الوجع لا يُحكي ولا يُوصف، كل شهيد كان له اسم، وحلم، وحياة، كفى صمتًا، كفى تواطؤًا، نريد فقط أن نعيش.

. .a008

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *