بينما تتسابق الولايات المتحدة والصين لتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي بسرعة قياسية، تتخذ أوروبا نهجاً أبطأ وأكثر حذراً، ما قد يمنحها ميزة غير متوقعة على المدى الطويل.
خبراء التكنولوجيا يشيرون إلى أن أوروبا، رغم كونها سوقاً مجزأً، ستستمر في بناء مراكز بيانات بوتيرة قوية لمضاعفة الطاقة الحالية، رغم الصعوبات المتعلقة بالقدرة الكهربائية واللوائح التنظيمية.
بعض الدول مثل الدول الإسكندنافية وإسبانيا تستفيد من وفرة الطاقة المتجددة، بينما تواجه ألمانيا والمملكة المتحدة تحديات في الإمداد، بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” واطلعت عليه “العربية Business”.
البطء ليس بالضرورة ضعفاً
على الرغم من أن أوروبا لن تتفوق على الولايات المتحدة في بناء مراكز ضخمة لتدريب الذكاء الاصطناعي، إلا أن النهج البطيء يسمح بتخطيط أفضل لمرافق أكثر تقدماً وكفاءة، مع مراعاة استهلاك الطاقة والتبريد واحتياجات البنية التحتية.
إجراءات مثل تصنيف مراكز البيانات في المملكة المتحدة كـ البنية التحتية الوطنية الحرجة تساعد على تسريع المشاريع المهمة، مع تقليل المضاربة على الكهرباء التي كانت تعيق التوسع سابقاً.
الذكاء الاصطناعي المحلي يفتح فرصاً
مع توقع أن يصل الطلب على AI inference إلى 70% من إجمالي الطلب على الذكاء الاصطناعي، يمكن لأوروبا التركيز على مراكز بيانات أصغر وأكثر تخصصاً تتوافق مع المعايير المحلية، وتربط بين الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي بكفاءة، بعيداً عن مشاريع ضخمة ومكلفة قد تصبح قديمة سريعاً.
الاستدامة واللوائح تصنع فرقاً
اللوائح الأوروبية الصارمة حول الطاقة والمياه والاستدامة تفرض على المطورين التفكير في تأثير مراكز البيانات على المجتمع المحلي، ما يحول المرافق إلى عناصر متكاملة في المدن والمجتمعات بدل أن تكون مجرد مبانٍ ضخمة مستهلكة للطاقة.
كما أن تحديات البنية التحتية تجعل الاستثمار في أوروبا أقل عرضة للمخاطر المضاربية، ما يزيد من قيمة الأصول واستدامتها على المدى الطويل، بحسب خبراء الاستثمار.
أوروبا قد لا تقود سباق بناء مراكز البيانات العملاقة، لكنها تمتلك فرصة نادرة للتميز عبر مرافق أكثر ذكاءً وكفاءة، واستثمارات أكثر أماناً، وبنية تحتية متكاملة مع الاستدامة.
البطء والحذر، في هذه الحالة، ليسا ضعفاً، بل ميزة استراتيجية محتملة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
