بعد مرور أكثر من 48 عامًا على رحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، لا تزال حياته الشخصية، وتحديدًا موضوع زواجه، تثير جدلاً واسعًا بين جمهوره وعشاقه، لتتحول سيرته العاطفية إلى مادة خصبة للنقاشات الإعلامية والمجتمعية.
وبين نفي أسرته وتأكيد بعض أصدقائه المقربين، تعود العلاقة التي جمعته بالفنانة الراحلة سعاد حسني إلى واجهة الساحة الإعلامية، بعد نشر رسالة عاطفية بخط اليد يُقال إنها من السندريلا، ما أعاد إشعال التساؤلات التي ظن البعض أنها طُويت منذ عقود.

عبد الحليم حافظ.. ظاهرة فنية أم لغز إنساني؟
لم يكن عبد الحليم حافظ مجرد مطربٍ موهوبٍ أو نجمٍ سينمائيٍ يملأ الشاشات بالأغاني العاطفية والوطنية، بل تحوّل إلى رمزٍ وجدانيٍّ لجيلٍ كاملٍ عاش على نغماته، وتأثر بأحزانه، وارتبط بتفاصيل حياته الدقيقة، خاصةً وأن العندليب عاش حياةً صعبة بسبب مرضه المزمن (البلهارسيا)، الذي خلّف آثارًا عميقة على قراراته الشخصية، وعلى رأسها قرار عدم الزواج، كما أكدت عائلته مرارًا.
عائلة عبد الحليم حافظ تحسم الجدل بوثيقة غامضة
خلال الساعات الماضية، نشرت أسرة عبد الحليم حافظ وثيقة جديدة عبر الصفحة الرسمية للعائلة على موقع “فيسبوك”، أكدت من خلالها أنه لم يتزوج طيلة حياته، وأن الشائعات حول زواجه من سعاد حسني بدأت بعد وفاته بنحو 17 عامًا، وليست خلال حياته كما يروج البعض.

الوثيقة عبارة عن خطاب عاطفي مؤلم، كتبه شخص مجهول إلى عبد الحليم، يعبّر فيه عن معاناة عاطفية واضحة، مما دفع البعض للاعتقاد بأن الكاتبة هي الفنانة الراحلة سعاد حسني، خاصةً أن أسلوب الكتابة يشبه رسائل سابقة نُسبت إليها.
وبينما اعتبرته العائلة “دليلًا دامغًا” على أن العلاقة لم تصل إلى مرحلة الزواج، رأى آخرون أن الوثيقة قد تكون دليلًا عاطفيًا فقط، دون أن تنفي أو تؤكد رسميا حدوث الزواج.
لماذا لم يتزوج عبد الحليم حافظ؟
وفق ما جاء في بيان الأسرة، فإن عبد الحليم حافظ كان يخشى أن يصبح عبئًا على شريكة حياته بسبب مرضه الطويل، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار بعدم الزواج، رغم تعلق الملايين به، وانتظار جمهوره أن يخوض تجربة الزواج وتكوين أسرة.
وفي معرض حديثها، شددت الأسرة على أن العندليب لم ينكر أبدًا وجود علاقة حب محترمة في حياته، ولكنها لم تكتمل بسبب حالته الصحية، مؤكدة أن تلك القصة تحولت لاحقًا إلى صداقة وزمالة في إطار من الاحترام المتبادل.
مفيد فوزي وسُمير صبري.. شهادات تفتح الجرح من جديد
على الجانب الآخر، هناك من رفض إغلاق هذا الملف، وعلى رأسهم الإعلامي الراحل مفيد فوزي، الذي أكد في أكثر من مناسبة أنه كان شاهدًا على عقد زواج عبد الحليم حافظ وسعاد حسني، مؤكدًا أن ما قاله لم يكن بعد وفاة السندريلا، بل خلال حياتها، دفاعًا عن العندليب وحرصًا على صورته لدى الجمهور.
وفي إحدى حلقات برنامج “العرافة” مع الإعلامية بسمة وهبة، كشف فوزي عن تفاصيل العلاقة، مشيرًا إلى أن العندليب فضّل فنه على الحب، وقرر إنهاء الزواج بسبب مضاعفات مرضه.
من جهته، صرّح الفنان الراحل سمير صبري بوجود قصة حب قوية جمعت بين النجمين على مدار ثلاث سنوات، لكنه نفى علمه بأي وثيقة زواج تجمع بينهما.
الرسالة التي أشعلت النيران مجددًا
الوثيقة التي نشرتها الأسرة أثارت موجة جديدة من الجدل، لأنها جاءت بصيغة عاطفية مؤثرة، تقول كاتبتها:
“أنا بعيط وأنا نايمة، بعيط ليل نهار، وما بحبش تشوف دموعي، علشان أنا بحبك، وما أقدرش أتحمل إنك تكرهني… لكن أنا بحبك يا حليم، أعمل إيه؟ قول لي يا حليم. أنا بقيت والله يا حليم أتعس مخلوقة على وش الأرض”.
الرسالة، رغم عمقها الإنساني، لم تتضمن تأكيدًا أو نفيًا قاطعًا لفكرة الزواج، وهو ما جعل البعض يعتبرها نصًا أدبيًا يحمل دلالات الحب والألم، دون أن تُحسم عبره القضية المثارة.
الحقيقة الكاملة.. في قلب العندليب وحده
ربما تبقى الحقيقة المطلقة حول زواج عبد الحليم حافظ حبيسة قلبه، فقد قرر أن يرحل دون أن يبوح بتفاصيل هذه العلاقة، وهو ما جعل من سيرته العاطفية لغزًا لم يُحل حتى اليوم.
وبين الوثائق المنشورة وشهادات الأصدقاء والبيانات الرسمية، يستمر الجمهور في طرح السؤال الأهم: هل تزوج العندليب من السندريلا؟ أم أن القصة كانت مجرد حب من طرفين لم يُكتب له أن يكتمل؟
ما وراء السطور.. عبقرية عبد الحليم في صون أسراره
تتجلى عبقرية عبد الحليم حافظ ليس فقط في قدرته على غناء الألم والحب والفرح، بل في حفاظه على خصوصيته، وحرصه على عدم تشويه صورة أحد، حتى ممن أحبهم بصدق.
ولعلّ تلك القدرة على الاحتفاظ بالأسرار هي ما زادت من غموضه، وأضفت على شخصيته هالة من الأسطورة، جعلت من سيرته، بعد وفاته، موضوعًا لا يُمل من تناوله.
تعليقات