إدمان الدوبامين عندما تصبح «الريلز» جرعة مخدرة.. صرخة أهالي ومختص يوضح الحلول

إدمان الدوبامين، في السنوات الأخيرة، بات من الشائع أن نسمع شكاوى متكررة من أولياء الأمور حول تراجع مستوى التركيز لدى أبنائهم، سواء في أثناء المذاكرة في المنزل أو خلال الحصص الدراسية داخل الفصول.

يشكو كثير من الآباء والأمهات من عدم استطاعة أبناءهم الجلوس لأكثر من عشر دقائق دون تشتت أو ضجر، وكأن عقولهم أصبحت عاجزة عن الاستيعاب أو الاستمرار في أي نشاط معرفي لفترة طويلة.


ومع تفاقم الظاهرة، وتزايد نسب ضعف التحصيل الدراسي، بدأ المتخصصون في البحث عن جذور المشكلة، بعيدًا عن التفسيرات التقليدية التي كثيرًا ما تلقي باللوم على الكسل أو قلة الانضباط.

وسلط الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، الضوء على هذه الأزمة بشكل واضح، مشيرا إلى أن ما يحدث هو نتيجة مباشرة لما يُعرف بـ”إدمان الدوبامين”.

ما هو إدمان الدوبامين؟

يوضح الدكتور عنان علي صفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن أطفال اليوم -وكذلك بعض طلاب الجامعات- باتوا أسرى لمحفزات إلكترونية سريعة من نوع خاص، مثل فيديوهات “ريلز” على إنستاجرام وتيك توك، والمقاطع القصيرة على يوتيوب.

ويمنح هذا النوع من المحتوى، المخ جرعات سريعة ومتتالية من هرمون السعادة “الدوبامين”، ما يؤدي بمرور الوقت إلى تعوّد المخ على التحفيز الفوري والسريع.


إدمان الدوبامينإدمان الدوبامين
دكتور إسلام عنان

ويضيف أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة أن المشكلة تكمن في أن عقولهم أصبحت غير قادرة على تحمل أي نشاط لا يمنحهم نفس الإثارة السريعة، وبالتالي تبدو المحاضرة مملة، والكتاب غير جذاب، والمذاكرة عبئًا ثقيلًا لا يُحتمل.

وأوضح: «عندما يحاول الطالب التركيز لفترة أطول من المعتاد، يشعر بأعراض انسحاب تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بإدمان المواد المخدرة، كالتوتر، والملل، والعصبية المفاجئة».

أولياء الأمور يتحدثون عن معاناتهم 

رصد موقع «الحرية» أراء أولياء الأمور حول هذه الظاهرة، فكانت الشكاوى متشابهة بشكل كبير.

تقول سعاد محمد، ولي أمر لطالب في المرحلة الإعدادية: “ابني ما بيقدرش يقعد يذاكر ربع ساعة على بعضها. طول الوقت عايز يمسك الموبايل، وكل ما آخده منه يزعق ويتوتر، حسيت إن فيه حاجة غلط مش طبيعية”.


إدمان الدوبامينإدمان الدوبامين
صعوبة التركيز لدي الأطفال

ويضيف هشام إبراهيم، والد لطالبة في المرحلة الثانوية: «بقيت أشوف بنتي متوترة ومشتتة حتى في الحصص أونلاين. تركيزها ضعيف جدًا، وسرعة استجابتها لأي محتوى على الموبايل أعلى بكتير من أي درس أو شرح».

حلول واقعية.. تبدأ من الوعي وتنتهي بإعادة التأهيل

يشدد الدكتور عنان على أن العقاب أو سحب الأجهزة فقط ليس حلاً كافيًا، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية. ويقترح خطة من خمس خطوات لمعالجة الظاهرة:

  1. نشر الوعي: لا بد أن يدرك الأهل والطلاب أن ما يمرون به له تفسير علمي، وهو ليس كسلاً ولا تقصيرًا.
  2. الديتوكس الرقمي: تخصيص أوقات محددة يوميًا بدون موبايل، للقراءة أو الدراسة أو حضور نشاط دون تشتت.
  3. تدريب الدماغ على الصبر: عن طريق ممارسة الرياضة، مشاهدة أفلام طويلة بدون موبايل، أو تنظيم جلسات مذاكرة بفواصل زمنية تدريجية.
  4. الاستعانة بخبراء: قد يكون من الضروري طلب المساعدة من متخصصين في تعديل السلوك أو مراكز علاج الإدمان السلوكي.
  5. تطوير البيئة التعليمية: تغيير أساليب التعليم التقليدية، وإدخال المزيد من النقاشات، والعروض البصرية، وأساليب التدريس التفاعلية

تُعد ظاهرة تشتت الانتباه بين الأطفال والطلاب تحديًا تربويًا معقدًا، يتداخل فيه النفسي مع الرقمي، والاجتماعي مع السلوكي. لكن إدراك المشكلة وفهم أبعادها هو أول الطريق للحل. إعادة برمجة العقل للعودة إلى “الوضع الطبيعي” من التركيز لا يحتاج فقط إلى حرمان من الشاشة، بل إلى منظومة متكاملة من التغيير في البيت والمدرسة والمجتمع.

إنها ليست معركة ضد التكنولوجيا، بل معركة لاستعادة السيطرة على العقول في عصر التحفيز اللحظي والإثارة المتواصلة

. .bxta

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *