الذكاء الاصطناعي يجمد الرواتب ويغير نمط التركيبة الوظيفية

للسنة الثالثة على التوالي، قررت كبرى شركات الاستشارات مثل “ماكينزي” و”Boston Consulting Group” تجميد الرواتب الابتدائية للمتخرجين الجدد، في خطوة تعكس التأثير المتصاعد للذكاء الاصطناعي على قطاع الاستشارات وإعادة النظر في النموذج التقليدي القائم على الهرم الوظيفي.

وفق تقرير “Management Consulted”، فإن رواتب الخريجين في الولايات المتحدة، بما يشمل المكافآت، تراوحت بين 135 و140 ألف دولار في 2024 و2025، بينما يحصل حاملو شهادات MBA على 270–285 ألف دولار.

ويمثل تجميد الرواتب انعكاساً لحسابات دقيقة لشركات ترى أن الذكاء الاصطناعي يتيح تحقيق إنتاجية أكبر بأقل عدد من الموظفين المبتدئين، بحسب تقرير نشره موقع “irishtimes” واطلعت عليه “العربية Business”.

ويشير نعامان ميان، مدير العمليات في “Management Consulted”، إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي على الخدمات المهنية والتكنولوجيا أكثر واقعية من بقية الاقتصاد، خصوصاً في مهام تحليل البيانات وتجهيز التقارير والعروض التقديمية، التي أصبحت أقل اعتماداً على الموظفين الجدد.

تغير التركيبة الوظيفية ونمط التوظيف

مع تطبيق الذكاء الاصطناعي في الاستشارات، بدأت الشركات تبحث عن موظفين متخصصين ومتوسطي الخبرة بدلاً من التركيز على خريجي الجامعات، لتولي مشاريع تتعلق بتنفيذ التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يصعب على موظف مبتدئ التعامل معه.

وبعض كبار المسؤولين يتوقعون أن تتراجع عمليات التوظيف للمتخرجين بنسبة تصل إلى نصف الرقم المعتاد في بعض الشركات الكبرى بالمملكة المتحدة، مستندين إلى توقعات تحسن الإنتاجية نتيجة الذكاء الاصطناعي، وليس فقط بسبب الظروف التجارية.

نهاية نموذج الهرم التقليدي؟

النموذج التقليدي للهرم الوظيفي يعتمد على عدد كبير من الموظفين المبتدئين يتقلص تدريجياً مع الصعود إلى المستويات العليا.

مع انتشار الذكاء الاصطناعي، يقترح بعض الخبراء أن الهيكل قد يتحول إلى شكل المسلة “obelisk” بعدد أقل من الطبقات، أو شكل الساعة الرملية، حيث تُستبدل مهام الوسط الآلي بالأدوات الذكية، مع الاعتماد أكثر على الخبرة في القمة.

وفي هذا السياق، يقول أنطونيو ألفاريز، رئيس “Alvarez & Marsal” في أوروبا: “نتوقع أن يقل الطلب على العمالة المبتدئة، لكننا نرى أن الطلب الكلي على خدماتنا سيزداد بفعل الذكاء الاصطناعي، ما يعوض النقص.”

قصص تخفيض الوظائف وظهور شركات جديدة

بعض الشركات مثل “PwC” و”ماكينزي” و”Accenture” بدأت بالفعل في تقليص عدد الموظفين غير القادرين على استخدام الذكاء الاصطناعي، بينما أسس شركاء سابقون في شركات الاستشارات الكبرى شركات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، مستهدفين استبدال جزء كبير من قاعدة الموظفين المبتدئين التقليدية.

في المقابل، بعض التنفيذيين يعتقدون أن الوظائف الجديدة ستنشأ حول إدارة وتنسيق أنظمة الذكاء الاصطناعي، مع استمرار الحاجة لمستوى عالٍ من التفكير والخبرة في مشاريع لا يمكن للآلات التعامل معها.