في ذكرى وفاة تماضر توفيق.. رائدة الميكروفون وأول سيدة تتولى رئاسة الإذاعة المصرية

في زمن كانت فيه الإذاعة المصرية تُعد النبض اليومي للمصريين، حين كانت الأصوات تُرسم في الخيال وجوهًا وملامح، لمع صوت امرأة بارز.

تماضر توفيق، لم تكن مجرد مذيعة تقرأ النشرة أو تقدّم برنامجًا، بل كانت مؤسسة، رائدة، وملهمة، ساهمت في صنع جيل كامل من الإعلاميين، وفتحت الباب واسعًا أمام المرأة في الإعلام العربي.


من السنبلاوين إلى كل بيت

ولدت تماضر في 9 فبراير 1931 بمدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، ودرست الأدب الإنجليزي في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا).

لم يكن المسرح بعيدًا عن شغفها، فقد انضمت إلى فريق المسرح الجامعي، ومثلت على خشبة دار الأوبرا المصرية، قبل أن يشدّها صوت الميكروفون.

بدأت مشوارها في الإذاعة المصرية عام 1950، بصوت واثق ولغة عربية قوية، وقدمت برامج مثل “ركن المرأة” و”قال الفيلسوف”، تركت من خلالها أثرًا عميقًا، وكان صوتها علامة مسجلة في الذاكرة للمستمعين.

رحلة سعي .. الريادة لا تُمنَح تُنتزع

سافرت تماضر في بعثة إلى لندن لدراسة فنون الإذاعة في هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، وكانت من أوائل الإذاعيات المصريات اللاتي حصلن على هذا الامتياز، وعقب عودتها، عينت رئيس لقسم التمثيليات، ثم تولت مناصب متتالية: مراقبة البرامج الثقافية، مسؤولة البرامج التعليمية، ثم مديرة عامة للتخطيط والمتابعة، قبل أن تصبح أول سيدة تتولى رئاسة الإذاعة المصرية عام 1975.


لكن المسيرة لم تتوقف عند ذلك، ففي عام 1977، أصبحت رئيسة للتلفزيون المصري، في مرحلة كانت فيها الدولة تُعيد تشكيل خطابها الثقافي والإعلامي بعد النكسة والحرب، فكان لها دور بارز في تحديث المحتوى ودعم البرامج الثقافية والتعليمية.

إيمان باللغة والهُوية

عُرفت تماضر توفيق بانضباطها الشديد وجديتها، لكنها كانت أيضًا معلمة حقيقية لمن رافقها في الحياة العملية، تبني ولا تُقصي، وتقود دون استعلاء.

كانت ترى أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هويّة ومصدر قوة، وعامل حضاري وأساسي لقيام المهنة، حيث قالت: “اللغة العربية ليست عبئًا كما يظن البعض، بل جمال وإيقاع وسحر.

إرث لا يُنسى

رحلت تماضر توفيق عن عالمنا في 8 يونيو 2001، لكن صوتها لم يغب، ولا إرثها توقف.


انشأت سيرة ذاتية منضبطة، ومسيرة إعلامية تُدرَّس، وأبواب فتحتها أمام أجيال من النساء اللاتي ساروا بعدها على نفس الدرب.

بقيت تماضر توفيق، صوتًا لا يُنسى، واسمًا محفورًا في ذاكرة الإعلام المصري، وامرأة سبقت زمنها في كل شيء.

. .9stv

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *