يسود نقاش جماعي حاليا بين مدرسي الاجتماعيات بالمغرب حول عدد من النقاط التي يؤكدون “ضرورة تجاوب وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضية معها؛ سواء تعلّق الأمر بموقع هذه المادة داخل المنظومة التعليمية ومدارس الريادة أو بإعادة النظر في المقررات والمناهج الدراسية المعمول بها منذ سنوات”.
وفي هذا الصدد تنكب الجمعية المغربية لمدرسي الاجتماعيات على إعداد مذكرة ترافعية تفصيلية ستقوم بموافاة المسؤولين بالوزارة الوصية على القطاع بها، في وقت تأمل التجاوب مع المعطيات التي من المنتظر أن تتضمّنها.
ودعت الجمعية، ضمن بيان لها، إلى “إنصاف مواد الاجتماعيات في الهندسة البيداغوجية، من خلال تبويئها المكانة التي تتناسب مع وظيفتها الاجتماعية والفكرية في بناء الإنسية المغربية”، مؤكدة ضرورة “تراجع السلطات التربوية الوصية عن القرارات الإدارية التي تعمّق تهميش هذه المواد أو تجعل منها في أفضل الأحوال مجرّد مادة ذيلية لمواد أخرى في الإصلاح التعليمي الجاري”، وفقها.
كما رفضت الهيئة ذاتها ما اعتبرتها “مقاربةً إقصائية متمثلة في تنزيل مضامين المذكرة الوزارية رقم 24×138 الصادرة في مارس 2024، سواء تعلّق الأمر بالتزامات مدارس الريادة أو بالتحلّل من تمكين هيئة التدريس من الممارسات البيداغوجية الناجعة، وفق برنامج تكويني يستجيب فعليا لحاجيات أساتذة مواد الاجتماعيات”.
وقال محمد العيدوني، رئيس الجمعية المذكورة، إن “أساتذة مواد الاجتماعيات يرون أن الأخيرة باتت تعيش على وقع مجموعة من الإشكاليات التي تضعف من قيمتها، من بينها مشاكل المنهاج المتبع وموقع المادة ككل داخل مدارس الريادة، فضلا عن عدم إشراك الأساتذة في تحديد القرارات البيداغوجية التي تخصّها”.
وأكد العيدوني، في تصريح لهسبريس، أن “الأساتذة يشتغلون بمناهج ومقرّرات تعود معطياتها إلى 2004 في بعض الأحيان، وهذه المقررات بطبعها تُغلّب ثقافة الكم على الكيف، كما تشجع على الغش خلال الامتحانات الإشهادية والتقويمات الدورية أيضا”.
وزاد المتحدث ذاته: “تخيّل أننا مازلنا نشتغل بمقررات تعتبر أن روسيا دولة في طريق التحول وأن الصين قوة صاعدة؛ فيما يتم أيضا على مستوى السنة الثانية البكالوريا تدريس حوالي 38 درسا و4 ملفات، وهي التفاصيل التي تحتاج إلى إعادة النظر، حتى يكون أستاذ الاجتماعيات ابن بيئته وتتلاءم المعطيات التي يقدمها مع واقع التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وطنيا ودوليا”.
واشتكى المصرح أيضا من “عدم إشراك” الجمعية التي يرأسها في كل ما يتعلق بالقرارات والتدابير المنهجية الخاصة بها، مفيدا في الآن ذاته بأنه “تم استبعاد المادة أيضا هذه السنة من اختبارات ‘طارل’ لتحديد المستويات بمدارس الريادة، بعدما سبق أن شملتها الاختبارات نفسها السنة الماضية”.
كما شدّد العيدوني على “عدم إمكانية السماح بأي إقصاء لمادة الاجتماعيات من أي عملية لها علاقة بمدارس الريادة، باعتبار الأخيرة مشروعا حكوميا يجب أن يتعامل بالمنطق نفسه مع مختلف المواد”.
وفي المقابل قال مصدر مسؤول من داخل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، جوابا عن سؤال يخص مطالب إعادة النظر في المقررات والمناهج الخاص بهذه المواد، إن “تحيين المناهج والمقررات الدراسية الخاص بمواد الاجتماعيات أمر محسوم ولا يحتمل النقاش، وسيأتي بطبيعة الحال مستقبلا، ما دام أن بعض هذه المناهج يتم العمل بها منذ 2002 تقريبا”.
وأضاف المصدر الذي تحدث للجريدة: “يتم الاشتغال بشكل منهجي على هذا الورش، فقد بدأنا حتما بمادة الرياضيات، ويتم الاعتماد على التجريب وإرساء هذه المناهج على قواعد محددة”، موضحا أن “إعادة النظر في المقررات الخاصة بالاجتماعيات موجودة ضمن الأجندة المعمول بها”.
وفي وقت لم ينف ما يتحدث عنه الأساتذة بالمغرب من “استثناء” مادة الاجتماعيات من اختبارات وحصص الدعم “طارل” لهذه السنة داخل مدارس الريادة أفاد المصدر نفسه بأن “الأمر راجع إلى وجود تركيز مبدئي على المواد الرئيسية، كالرياضيات والعربية والفرنسية، التي تتحكم أساسا في تحديد مستويات التعلّم لدى التلاميذ”.
تعليقات