توصلت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى توافق دولي بشأن الجهة التي ينبغي أن تحكم الإنترنت، مؤكدة اعتماد نموذج الحوكمة متعدد الأطراف، في خطوة وُصفت بأنها تعزز الانفتاح وتحد من مخاطر الرقابة والهيمنة من طرف واحد.
وبموجب هذا النموذج، تشارك في إدارة الإنترنت الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية، والمجتمعات التقنية والأكاديمية، إلى جانب أطراف أخرى، وهو ما ينسجم مع الرؤية التي أقرّتها القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) عام 2003، والتي دعت إلى إنترنت يتمحور حول الإنسان ويخدم التنمية والشمول.
وقالت الأمم المتحدة في الوثيقة الختامية: “نؤكد التزامنا برؤية القمة العالمية لمجتمع المعلومات لبناء مجتمع معلوماتي شامل وموجه نحو التنمية، يتيح للجميع إنشاء المعلومات والمعرفة والوصول إليها واستخدامها وتبادلها”.
لا جهة واحدة تتحكم بالإنترنت
وفي وثيقة رسمية مؤرخة في 16 ديسمبر 2025، شددت الأمم المتحدة على أن إدارة الإنترنت لا ينبغي أن تخضع لهيمنة كيان واحد، مع الإقرار بأن العديد من الدول النامية ما زالت تواجه تحديات كبيرة، سواء في الوصول إلى الإنترنت أو في المشاركة الفعلية بعمليات الحوكمة الرقمية.
وأكدت الوثيقة أن التعاون الدولي، والتمويل، والشراكات بين القطاعين العام والخاص تمثل حلولًا أساسية لسد هذه الفجوات.
كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من قضايا متعددة، من بينها:
– ارتفاع تكلفة الوصول إلى الإنترنت.
– الفجوة الرقمية بين الجنسين.
– تهميش فئات ضعيفة مثل كبار السن، والشعوب الأصلية، والمهاجرين.
– انتهاكات حقوق الإنسان.
– إساءة استخدام التقنيات الرقمية في الجرائم الإلكترونية، والمراقبة، واستغلال الأطفال.
– انتشار المعلومات المضللة.
– التأثيرات البيئية للتحول الرقمي.
الذكاء الاصطناعي تحت المجهر
وتضمنت الوثيقة، التي قدمتها رئيسة الجمعية العامة والسياسية الألمانية أنالينا بيربوك، فصلًا كاملًا حول الذكاء الاصطناعي، إذ أقرت بفوائده المحتملة للبشرية، لكنها حذرت في الوقت ذاته من مخاطر غير معروفة مرتبطة بسرعة تطوره واتساع نطاقه ومستوى استقلاليته.
ومن بين التوصيات ذات الطابع الإنساني:
– توسيع برامج التعليم والتدريب الرقمي.
– دعم النماذج مفتوحة المصدر.
– إتاحة بيانات تدريب قابلة للوصول.
– توسيع الوصول إلى البنية التحتية للحوسبة عالية الأداء.
منتدى حوكمة الإنترنت يصبح دائمًا
وفي تطور لافت، أعلنت الأمم المتحدة تحويل منتدى حوكمة الإنترنت (IGF) إلى هيئة دائمة تابعة لها، بعدما كان ينعقد سابقًا كحدث سنوي فقط.
ومن المقرر إجراء مراجعة شاملة جديدة في عام 2035، حيث دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف المعنية إلى الانخراط في مختلف مراحل العملية، بهدف تحديد مجالات التركيز المستقبلية وضمان بقاء الإنترنت مساحة مفتوحة، آمنة، وشاملة للجميع.
