أكد مارك برايسون سفير بريطانيا بالقاهرة أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وبريطانيا تشهد تطورًا إيجابيًا ملحوظًا، لا يقتصر فقط على جذب الاستثمارات البريطانية إلى السوق المصري، بل يمتد أيضًا إلى تنامي استثمارات الشركات المصرية في المملكة المتحدة، وهو ما يعكس نضج الشراكة الاقتصادية بين البلدين واتجاهها نحو تبادل المنافع بشكل متوازن.
وأوضح السفير خلال مؤتمر الجمعية المصرية البريطانية اليوم الأربعاء أن الصادرات المصرية إلى السوق البريطانية تشهد تنوعًا متزايدًا، بعد أن كانت تتركز تقليديًا في الحاصلات الزراعية والمنتجات الغذائية، لتشمل حاليًا منتجات صناعية متقدمة وسلعًا ذات قيمة مضافة أعلى، إلى جانب منتجات تكنولوجية، وهو ما يعزز فرص الشركات المصرية للتوسع داخل السوق البريطانية.
وأشار إلى أن المملكة المتحدة توفر بيئة استثمارية جاذبة للشركات المصرية، بفضل استقرار الإطار التنظيمي والالتزام بالانضباط المالي، إضافة إلى سهولة الوصول إلى النقد الأجنبي، والدعم القوي الذي يقدمه جهاز تمويل الصادرات البريطاني، والذي يتيح تمويلًا تنافسيًا طويل الأجل يصل إلى 18 عامًا، و20 عامًا لمشروعات الطاقة المتجددة، وبنسبة تمويل تصل إلى 85% من قيمة التعاقد.
وأضاف أن الحكومة البريطانية أطلقت استراتيجية صناعية حديثة تركز على ثمانية قطاعات ذات أولوية، من بينها الطاقة النظيفة، حيث تم تخصيص نحو 61 مليار جنيه إسترليني لدعم الاستثمارات والمشروعات الخضراء، إلى جانب حوافز ضريبية للبنية التحتية والخدمات المالية، مؤكدًا أن هذه القطاعات تتقاطع بشكل كبير مع مجالات اهتمام الشركات المصرية.
ولفت السفير إلى أن مكتب الاستثمار البريطاني يقدم خدمات “الكونسيرج” للشركات الراغبة في التوسع داخل المملكة المتحدة، من خلال دعمها في إجراءات التأسيس، وتوفير الكوادر، واختيار المواقع، والتعامل مع الأطر التنظيمية، فضلًا عن تحديث التشريعات لجعل بيئة الاستثمار أكثر جاذبية.
وأكد أن بريطانيا تتمتع بأقل معدل لضريبة الشركات بين دول مجموعة السبع، كما تم الإعلان في الموازنة الأخيرة عن إعفاء لمدة ثلاث سنوات من ضريبة الدمغة للشركات التي تدرج أسهمها في بورصة لندن، وهو ما يفتح المجال أمام الشركات المصرية للنظر في لندن كمركز إقليمي للإدراج والتوسع.
وتطرق السفير إلى أهمية دراسة انضمام المملكة المتحدة إلى اتفاقية «بن-أورومتوسطية»، لما لها من دور في تسهيل اندماج سلاسل الإمداد وتبسيط الإجراءات الجمركية وخفض التعريفات، بما يدعم فرص التصنيع المشترك والتصدير إلى الأسواق الأوروبية وأسواق ثالثة.
وأشار إلى أن هناك فرصًا واعدة للتعاون بين الشركات المصرية والبريطانية في تنفيذ مشروعات مشتركة تستهدف أسواقًا خارجية، خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط، من خلال الجمع بين الخبرات التكنولوجية والتمويل البريطاني، والمزايا التنافسية والحوافز التجارية التي توفرها مصر، بما يخلق نموذجًا ناجحًا للتكامل الاقتصادي.
وأكد السفير أن مجالات البنية التحتية، والطاقة، والهندسة، والتكنولوجيا الرقمية، والربط اللوجستي، تمثل قطاعات رئيسية للتعاون المشترك، إلى جانب التعليم الجامعي والتدريب الفني، باعتبارهما عنصرين أساسيين لدعم التنمية الصناعية ونقل التكنولوجيا.
وفيما يتعلق ببيئة الأعمال في مصر، أوضح السفير أن تسريع الإجراءات التنظيمية، خاصة في مجالات تسجيل الأدوية، ومعايير الغذاء والمشروبات، وحماية الملكية الفكرية، يمثل أولوية لدعم تدفق الاستثمارات، إلى جانب أهمية مواصلة الإصلاحات الهيكلية التي تعزز دور القطاع الخاص وتوسع مساحة مشاركته في الاقتصاد.
واختتم السفير تصريحاته بالتأكيد على حرص بلاده على العمل الوثيق مع مجتمع الأعمال المصري لفهم أولوياته واحتياجاته، وتعزيز التواصل المؤسسي، والترويج لقصص النجاح المشتركة، مشيرًا إلى أن الزيارات رفيعة المستوى، وعلى رأسها زيارة رئيس الوزراء البريطاني، تمثل رسالة واضحة على التزام لندن بتعميق الشراكة الاقتصادية مع مصر خلال المرحلة المقبلة.
